الإعجاب طريق الشذوذ

انتشرت في الآونة الأخيرة مشكلة الإعجاب بين الشباب أو بين الفتيات ، وهذه المشكلة هي طريق الشذوذ ـ عافانا الله منا ـ ومن المؤلم حقاً تجاهل هذه القضية في المحاضن التربوي كالأسرة والمدرسة دون توعية أو علاج .

وهذه المشكلة ليست وليدة اللحظة أو جديدة في هذا الزمن ، فلقد كان الشذوذ في قوم لوط ، وتم التحذير منه في شريعتنا الإسلامية ، والملاحظ في هذا الوقت انتشار الإعجاب بين فتاة وفتاة أو بين شاب وشاب مما أوقفني كثيراً لتناول هذه المشكلة .

ذكر ابن القيم قصة لرجلٍ بائسٍ تعلق بشخصٍ ، وتمكن حبه من قلبه ، حتى مرض ووقع ألماً به ولزم بسببه الفراش ، وتمنّع ذاك الشخص عنه واشتد نفاره عنه ، وانتشر خبره ، فتوسط له البعض لأن يزوره ، فأخبره الناس بأنه سيزوره ففرح واشتد فرحه وانجلى غمه . فلما وصل الميعاد وانتظر واستبشر ، أتى له الساعي ليخبره بأن صاحبه لم يحضر ، لأنه لايريد أن يدخل مدخل الريبة ولايعرض نفسه لمواقع التهم .
فلما سمع ا الرجل البائس هذا الكلام عاد له مرضه واشتد وبدت عليه علائم الموت فجعل يقول :

فتوفي على ذلك




فالقضية قضية تعلق قلبي ، وإشغال فكري ، وضياع عقلي ، فلايسمع ولايرى ولاينصت إلا صوت المحب ، ومانراه في مدارسنا وجامعاتنا من أخبار وقصص يندى لها الجبين ، ففتاة تتعلق وتعجب بفتاة أو طالبة بمعلمتها أو العكس ، وأن يتعلق طالب بطالب أو صديق بصديقه ، أو معلم بطالب ، فينشغل الفكر ويتعطل العقل ، وقد يصل الأمر للشذوذ الجنسي .

رسائل حب وغرام بين طالبات ، أو عبر الجوال ، أو رسائل وكتابات حب بأسوار المدارس ، وعلى جدران المنازل ، وهو أمر مشاهد ومعلوم ، هي قضية لابد الوقوف عليها أسرياً وتربوياً .

نزلت بأحد شوارع الرياض ، وقد أطلق على هذا الشارع بإسم ( الصاروخ ) ، قد يمر على الكثيرين هذا الإسم مرور الكرام ، لكن من الذي أطلقه ؟ وماذا يحدث فيه هو أمر معلوم للشباب ، وأمر مجهول للآخرين .

أطلق مسمى الصاروخ نسبة للشاب الوسيم ، ويتم فيه استعراض ( الأحباب ) أو مسمى ( الواد ) فترى شاب بسيارته وقد اركب شاباً وسيماً بسيارته و(يدور ) بهذا الشارع ، والعجيب أن في هذا الشارع من أطلق على الشاب الوسيم الصغير بأنه ( ابن فلان ) وهو صاحب السيارة !!

أو ترى تجمعاً في وقت معين لفتيات في سوق أو مكاناً في المدرسة وكل طالبة مع ( حبيبتها ) في جلسة ثنائية لتظهر أمام زميلاتها بعلاقتها والافتخار بها !!!

من الذي أوصل شبابنا وفتياتنا لهذا المنزلق ؟

قد يكون الدور الوقائي للأسرة والمدرسة شبه مفقود مما يجعل قلب الشباب خالياً ، فيتمكن الصاحب السيء من استغلال هذا وملؤه بما يراه ويؤمن به ، فتجد الشاب أو الفتاة لايدرك خطورة مصاحبة كبير السن أو خطورة التعارف بين الكبير أو الصغير أو حدود علاقة الصداقة ، أو السكوت والصمت في حالة التحرش وغيرها ، فيكون قد وقع في وحل الإعجاب والحب .
أو تجد الأسرة تعمد لإظهر ابنها على صورة فتاة فتطيل الشعر وتحسن مظهره ، وعندما تراه لاتفرق بينه وبين الفتاة فتجعله عرضة للنظر والإعجاب من كبار السن ، ويكون عرضة للتحرش الجنسي .


وفي المدارس تفتقد للدور الوقائي والعلاجي ، فتعمد لإخفاء تلك المشكلة ، وتظهر مدرستهم بأنها خالية من تلك المشاكل ولاتحاول علاج المشكلة قبل استفحالها ، ولاتكتشف العلاقات بين المعلمات والطالبات ، وتتطور علاقات التعليم لعلاقات الإعجاب ، فحدود المهنة حُطمت ، وأداب المهنة أُبيدت ...

علينا جميعاً أن نلاحظ أبناءنا وبناتنا من الانزلاق لتلك المشكلة بالتعليم والتثقيف والملاحظة والمراقبة والسؤال عن الصحبة ، وعدم ترك الفتاة مع الفتاة أو الشاب مع الشاب في مكان مغلق ولمدة طويلة فهي علامة من علامات الإعجاب ، ومعرفة مايدور في كراسات الدفاتر والكتب والمذكرات ، فهي أيضاً علامة من علامات الإعجاب